كان هناك صبي يُدعى أمين يعيش في مدينة صغيرة بجوار البحر. أمين كان يحب الاستماع إلى قصص والده عن بحر الأحلام، ذلك البحر الأسطوري الذي يُقال إن مياهه الزرقاء الفاتنة تُبصر الناظرين بأروع الأحلام والمغامرات العجيبة. كان أمين يقضي يومه يتخيل نفسه بطلاً لمغامرات خيالية في بحر الأحلام، إلا أنه لطالما تمنى أن يعيش تلك الأحلام بحق. ذات ليلة وبينما كان أمين نائمًا، استيقظ على صوت نداء خافت يدعوه إلى الشاطئ. وقد كان القمر مكتملاً وسطوعه يُضيء الأفق بلونٍ فضيٍّ برّاق. اتبع أمين النداء حتى وصل إلى قارب صغير مضاء بفوانيس عجيبة تتراقص أضواؤها بألوان الطيف. قفز إلى القارب دون تردد، وما إن لامست قدماه سطحه حتى بدأ يتحرك ببطءٍ نحو عُباب البحر. أبحر القارب دون توقف عبر الأمواج الهادئة، وأمين مأخوذ بجمال النجوم التي بدت أكثر وضوحاً وسطح البحر الذي بدا كمرآة للسماء. بعد برهة، بدأت الأمواج تحمل ألواناً زاهية لم يرها أمين من قبل، وتحوَّلَت المياه إلى شريط متلألئ من الضوء. كان القارب قد وصل إلى بحر الأحلام. فجأة، أخذ القارب يغرق ببطء داخل دوامة من الضوء، لكن أمين لم يشعر بأي خوف. فقد كانت الدوامة تحمله إلى عوالم خيالية حيث التقى بمخلوقات ساحرة وأبطال من الأساطير وعاش مغامرات غير قابلة للنسيان. كلما غاص أكثر في بحر الأحلام، كانت الرؤى تصبح أكثر وضوحاً وروعة. وعند الفجر، عاد أمين إلى الواقع مع الشروق الأول، حيث وجد نفسه مستلقياً على الشاطئ قرب منزله. كان يحمل في قلبه كنوزاً من الأحلام لا تُقدَّر بثمن، وأصبح منذ تلك الليلة يعرف أن بحر الأحلام ليس مكاناً يمكن الوصول إليه بالجسد، بل هو موطن الأرواح الباحثة عن العجائب في العالم الذي لا حدود له من الخيال.